خطُ الهجرةِ للداخل



خطُ الهجرةِ للداخل
         للشاعر / محمد عثمان الزبير
قالت تُودعني مساءً لا تمتْ
قبلَ أنْ تلقَ القصائد َعارياتٍ
من ظلالِ الحرفِ والمعْني التَّليدِ
قبلَ أنْ يأتيكَ منِّي بارقٌ
من شموسِ الصَّحوِ يجلوكَ مداراً
ثمَّ يكسوكَ دثاراً
وانحسارا للذي أيقنتَ جهلاً
ثمَّ ألقتْ ما تبقي من حديثٍ في عظامي
وتولَّت خلفَ ذاكرتي وغابت من جديدٍ
˜˜˜
واحْتقبتُ الشِّعرَ أزْمعتُ الرَّحيلَ
لمْ أكنْ في البدءِ حدَّدتُ السَّبيلَ
أو لنفسي ما حملتُ الزَّادَ رافقتُ القوافلَ
˜˜˜
وحينَ اشْتدَّ في سفري سُفوري
وتجلَّي قيدَ نفسيَ ما تخفَّى من ظهوري
صارتِ الأيامُ عطراً
والمجراتُ قصورًا
للذي منِّي تولَّى
حينَ ضمَّ الشعرُ قلبي
ليكونَ الشعرُ ذاتي
أو تصيرُ الذاتُ كونًا
للذي مني تبدَّى
حينَ ضمَّ الشعرُ قلبي
          ˜˜˜   
لمْ أكنْ ألقاكَ صحواً
أو أُناجي ما تراءى
بَيْدَ أنَّ الحرفَ غنَّي
في دياجيرِ الظلامِ
فأضاءَ اللحنُ فجًّا
بينَ صوتي وزماني
واستحالَ الدَّربُ برْقًا وتَوارَى
فسمِعتُ النَّبضَ يهذي
ودماغي صارَ ظلِّي
فتجلي قابَ قوسينٍ وأدنى,
بينَ صدري وزماني,
بعضُ حسِّي
فرأيتُ الدربَ في ذاتي مُروجاً
من بريقِ الصحوِ في جوفِ الخلايا
خمرها دهراً تعتقْ
حولها رهطُ البيانِ
وحسانٌ لابساتٌ للمعاني
يرتشفنَّ الشعرَ في كأسِ المثاني
ثمَّ يكْشفنَّ صدوراً زاخراتٍ بالأماني
أنتَ فانٍ إذ تراها خارجاً عنِّي
نقوشاً في تصاويرِ المكانِ,
وانبعاثاتِ الزمانِ
أنتَ فانٍ إذْ تراها في الأواني
ثمَّ أني قد تسلقتُ حبوري
ولبستُ العشْقَ ثوباً ومعانٍ
ذاكراً اسمي وحسِّي
عارياً من كلِّ رجسٍ
واحتباسٍ وهوانٍ
فأتاها الصوتُ منِّي
في حنينٍ وحنانٍ
غَيِّبُوني في مجاهيلِ الخلايا
نصِّبُوني في دياجيرِ الحنايا
شاعراً حيناً وآية
زوِّجُوني شمسكَمْ
اجْعَلوني عُرْسَكَمْ
مِلْءَ نفسي القيدُ هذا
فاعْتقُوني منْ زماني ومكاني
مدينة عفيف
جوال / 0507454106