بكائية للحزنِ النبيلِ


بكائيةٌ للحزنِ النبيلِ
إهداء إلى روحِ الفنانِ الراحلِ / مصطفى سيد أحمد
للشاعر / محمد عثمان الزبير



هلْ أدركَ العشاقُ أنَّكَ ساكبٌ فيهمْ
محاولةً من العشقِ الجديدِ ؟
أم أيقنَ الشعراءُ أنَّكَ مورقٌ  كالزهرِ
فالتَمَسُوا عبيركَ في القصيدِ ؟
***        ***           ***
يا بريقاً أخرجتْ أنوارَ فجرِكَ
انفعالاتُ المدينةْ
يا عبيراً هدهدَ الأشواقَ
في لهبِ القلوبِ المستهيمةْ
كنتَ تخرجُ من ثنياتِ السكينةْ
وتداوي عبرَ لحنكَ جُرحَ آهاتٍ حزينةْ
فلماذا تتركَ اللَّحنَ خيولاً مسرجاتٍ
ثمَّ تَعلو هامةَ الموتِ وترحلْ ؟
***                 ***              ***
يا سليلَ النهرِ يا فيضَ العطاء ِ السرمديِّ
كيفَ دوزنتَ العلاقةَ بينَ مشروعِ الحبيبةِ
والنشاطِ العاطفيِّ ؟
ثمَّ تَوْأَمْتَ المسافةَ بينَ فنِّكَ والبلادْ ؟
كيفَ أشعلتَ المواقفَ بينَ صوتِكَ
وازدهارَ العشقِ  في جدلِ النشاطِ الآدميِّ ؟
***          ****          ***          ***
أيُّها الوهجُ المطلْسَمُ بالغناءِ
مَنْ أيقظَ الوجدانَ مرتفعاً
بذاكرةِ النشيدِ إلى السماءِ ؟
من حرضَ  النبضَ المدمَّخِ بالعنادْ ؟
***        ***                  ***
كانَ اخضرارُكَ في الغناءِ البكرِ معجزةً
و أُمنيةً  تمدِّدُ في النشيدِ
مَواقفاًً للعشقِ والوطنِ السعيدِ
وكذا التزمْتَ الصعبَ
في وهجِ الغناءِ الحرِّ
مرتفعاً بذاكرةِ النشيدِ إلى البلادِ
أواهُ كمْ خَمَشَتْ عصافيرٌ  من الألحانِ
آفاقاً من الرؤيا وأفئدةِ العبادِ
أواهُ كم عانيْتَ من لحنٍ يُهاطلُ
ليلَ غربتِكَ الشجيةِ
بينَ مشروعِ  القصيدةِ والتَّضادِ
والآنَ ترحلُ هامسًا كالحلمِ
تُوغلُ في الرَّحيلِ
***      ***      ***      ***
يا وعداً يصدُّ ضراوةَ البلْوَى
كمْ أهديْتَ للدنيا
مزاميراً من البشرَى؟
وقد أهداكَ هذا للَّحنُ للعشقِ
وللفقراءِ والجوْعَى
وقد أهداكَ للإنسانِ ملتزماً
بكلِّ براءةِ الصَّدْقِ
تُعيدُ صياغةِ الرؤيا
****                ***            ***
يا صوتاً يُنادمُ ليلَ غربتهِ  الشجيَّةِ
في تفاصيلِ الغيابِ
وينتمي للأرضِ يمنحُها
اشتعالَ الحرفِ والزَّمنِ الجميلِ
من يُوقِفُ التِّرَحالَ والحُزْنَ النَّبيلِ؟
مَنْ يُوصلُ القلبَ المحاصرِ بالبكاءِ المرِّ
للدمعِ الأَخيرِ ؟
أوْ لاشْتعالِ الحُزن ِ في وَهَج ِالهدِيلِ؟
***       ***      ***        ***
كانَ صوتُكَ صادقاً كالنهرِ
محتشداً بذاكرةِ النهارِ
وعلى إمتدادِ  اللَّحنِ
تنسكبُ البلادُ مَواسماً خضراءَ للعشقِ الندِيِّ
والآنَ تصحبُكَ العصافيرُ الصغيرةُ للدِّيارِ
للندَى القدسيَّ في فرحِ الصِّغارِ
فتمنحُكَ الخلودَ العذبَ والسلْوى
وتهدي صوتكَ الممهورِ بالإنسانِ للبشرَى
فهل ترضَى؟
وقدْ أهْداكَ هذا الفنُّ للدنيا
وقد أبْقاكَ للذكرَى
***    ***      ***
والآنَ تمنحُكَ البلادُ خلودَها النهريِّ
فيتسعُ الغناءُ دوائراً بيضاءَ تمنحكَ الأمانَ
وتفضُّ خِتمَ الوقتِ عن زمنٍ جميلٍ
الآنَ يرتفعُ  الفؤادُ إلى الغناءِ الحرِّ
فيلتمسُ ازدهارَكَ في الهديلِ